فصل: الآيات (1 - 2)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور **


*2*9 -  سورة التوبة ‏(‏مدنية وآياتها تسع وعشرون ومائة‏)‏

*3*  مقدمة سورة التوبة

أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ نزلت براءة بعد فتح مكة‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ نزلت سورة التوبة بالمدينة‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما قال‏:‏ أنزل بالمدينة سورة براءة‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال‏:‏ مما نزل في المدينة براءة‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن أبي داود في المصاحف وابن المنذر والنحاس في ناسخه وابن حبان وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ قلت لعثمان بن عفان رضي الله عنه‏:‏ ما حملكم أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني‏؟‏ وإلى براءة وهي من المئين فقرنتم بينهما، ولم تكتبوا سطر بسم الله الرحمن الرحيم، ووضعتموها في السبع الطوال، ما حملكم على ذلك‏؟‏ فقال عثمان رضي الله عنه‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من كان يكتب فيقول‏"‏ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا ‏"‏وكانت الأنفال من أوائل ما نزل بالمدينة، وكانت براءة من آخر القرآن نزولا، وكانت قصتها شبيهة بقصتها فظنت أنها منها، فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها، فمن أجل ذلك قرنت بيهما ولم أكتب بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم، ووضعتهما في السبع الطوال‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري والنسائي وابن الضريس وابن المنذر والنحاس في ناسخه وأبو الشيخ وابن مردويه عن البراء رضي الله عنه قال‏:‏ آخر آية نزلت ‏(‏يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة‏)‏ ‏(‏النساء الآية 176‏)‏ وآخر سورة نزلت تامة براءة‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن أبي رجاء قال‏:‏ سألت الحسن رضي الله عنه عن الأنفال وبراءة، أسورتان أو سورة‏؟‏ قال‏:‏ سورتان‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن أبي روق قال‏:‏ الأنفال وبراءة سورة واحدة‏.‏

وأخرج النحاس في ناسخه عن عثمان رضي الله عنه قال‏:‏ كانت الأنفال وبراءة يدعيان في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم القرينتين، فلذلك جعلتهما في السبع الطوال‏.‏

وأخرج الدارقطني في الأفراد عن عسعس بن سلامة رضي الله عنه قال‏:‏ قلت لعثمان رضي الله عنه‏:‏ يا أمير المؤمنين، ما بال الأنفال وبراءة ليس بينهما بسم الله الرحمن الرحيم‏؟‏ قال‏:‏ كانت تنزل السورة فلا تزال تكتب حتى تنزل بسم الله الرحمن الرحيم، فإذا جاءت بسم الله الرحمن الرحيم كتبت سورة أخرى، فنزلت الأنفال ولم تكتب بسم الله الرحمن الرحيم‏.‏

وأخرج الطبراني في الأوسط عن علي رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏المنافق لا يحفظ سورة هود وبراءة ويس والدخان وعم يتسألون‏"‏‏.‏

وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور وأبو الشيخ والبيهقي في الشعب عن أبي عطية الهمداني قال‏:‏ كتب عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه‏:‏ تعلموا سورة براءة، وعلموا نساءكم سورة النور‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني في الأوسط وأبو الشيخ والحاكم وابن مردويه عن حذيفة رضي الله عنه قال‏:‏ التي تسمون سورة التوبة هي سورة العذاب، والله ما تركت أحدا إلا نالت منه، ولا تقرأون منها مما كنا نقرأ إلا ربعها‏.‏

وأخرج أبو عبيد وابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه عن حذيفة رضي الله عنه في براءة يسمونها سورة التوبة وهي سورة العذاب‏.‏

وأخرج أبو عبيد وابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه عن حذيفة رضي الله عنه في براءة يسمونها سورة التوبة وهي سورة العذاب‏.‏

وأخرج أبو عبيد وابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال‏:‏ قلت لابن عباس رضي الله عنهما‏:‏ سورة التوبة‏؟‏ قال‏:‏ التوبة، بل هي الفاضحة، ما زالت تنزل ومنهم حتى ظننا أن لن يبقى منا أحد إلا ذكر فيها‏.‏

وأخرج أبو عوانة وابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما‏.‏ أن عمر رضي الله عنه قيل له‏:‏ سورة التوبة‏؟‏ قال‏:‏ هي إلى العذاب أقرب، ما أقلعت عن الناس حتى ما كادت تدع منهم أحدا‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه قال‏:‏ قال عمر رضي الله عنه‏:‏ ما فرغ من تنزيل براءة حتى ظننا أنه لم يبق منا أحد إلا سينزل فيه، وكانت تسمى الفاضحة‏.‏

وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن زيد بن أسلم رضي الله عنه‏.‏ أن رجلا قال لعبد الله‏:‏ سورة التوبة‏؟‏ فقال ابن عمر رضي الله عنه‏:‏ وأيتهن سورة التوبة‏؟‏ فقال‏:‏ براءة‏.‏ فقال ابن عمر‏:‏ وهل فعل بالناس الأفاعيل إلا هي، ما كنا ندعوها إلا المقشقشة‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن عبد الله بن عبيد بن عمير رضي الله عنه قال‏:‏ كانت براءة تسمى المنقرة، نقرت عما في قلوب المشركين‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن حذيفة رضي الله عنه قال‏:‏ ما تقرأون ثلثها، يعني سورة التوبة‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال‏:‏ يسمونها سورة التوبة وإنها لسورة عذاب يعني براءة‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن محمد بن إسحق رضي الله عنه قال‏:‏ كانت براءة تسمى في زمان النبي المعبرة، لما كشفت من سرائر الناس‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن أبي ذر رضي الله عنه قال ‏"‏دخلت المسجد يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فجلست قريبا من أبي بن كعب رضي الله عنه، فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم سورة براءة، فقلت لأبي‏:‏ متى نزلت هذه السورة‏؟‏ فلم يكلمني قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته قلت لأبي رضي الله عنه‏:‏ سألتك فتجهمتني ولم تكلمني، فقال أبي‏:‏ مالك من صلاتك إلا ما لغوت‏.‏ فذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال‏:‏ صدق أبي‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي رضي الله عنه ‏"‏أن أبا ذر والزبير بن العوام رضي الله عنهما سمع أحدهما من النبي صلى الله عليه وسلم آية يقرأها وهو على المنبر يوم الجمعة فقال لصاحبه‏:‏ متى أنزلت هذه الآية‏؟‏‏!‏ فلما قضى صلاته، قال له عمر بن الخطاب‏:‏ لا جمعة لك‏.‏ فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال‏:‏ صدق عمر‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان وضعفه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال‏:‏ لما نزلت سورة براءة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏بعثت بمداراة الناس‏"‏‏.‏

وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ سألت علي بن أبي طالب رضي الله عنه لم لم تكتب في براءة بسم الله الرحمن الرحيم‏؟‏ قال‏:‏ لأن بسم الله الرحمن الرحيم أمان، وبراءة نزلت بالسيف‏.‏

*3* التفسير

 الآيات 1 - 2

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ‏{‏براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين‏}‏ إلى أهل العهد خزاعة ومدلج ومن كان له عهد وغيرهم، أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك حين فرغ منها فأراد الحج، ثم قال ‏"‏إنه يحضر البيت مشركون يطوفون عراة فلا أحب أن أحج حتى لا يكون ذلك، فأرسل أبا بكر رضي الله عنه وعليا رضي الله عنه فطافا في الناس بذي المجاز وبأمكنتهم التي كانوا يبيعون بها وبالموسم كله، فآذانوا أصحاب العهد أن يأمنوا أربعة أشهر وهي الأشهر الحرم المنسلخات المتواليات، عشرون من آخر ذي الحجة إلى عشر تخلو من ربيع الأول، ثم عهد لهم وآذن الناس كلهم بالقتال إلى أن يموتوا‏"‏‏.‏

وأخرج عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد المسند وأبو الشيخ وابن مردويه عن علي رضي الله عنه قال ‏"‏لما نزلت عشر آيات من براءة على النبي صلى الله عليه وسلم دعا أبا بكر رضي الله عنه ليقرأها على أهل مكة، ثم دعاني فقال لي‏:‏ أدرك أبا بكر فحيثما لقيته فخذ الكتاب منه، ورجع أبو بكر رضي الله عنه فقال‏:‏ يا رسول الله نزل في شيء‏؟‏ قال‏:‏ لا، ولكن جبريل جاءني فقال‏:‏ لن يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسنه وأبو الشيخ وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال ‏"‏بعث النبي صلى الله عليه وسلم ببراءة مع أبي بكر رضي الله عنه، ثم دعاه فقال‏:‏ لا ينبغي لأحد أن يبلغ هذا إلا رجل من أهلي، فدعا عليا فأعطاه إياه‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ‏"‏أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا بكر رضي الله عنه ببراءة إلى أهل مكة، ثم بعث عليا رضي الله عنه على أثره فأخذها منه، فكأن أبا بكر رضي الله عنه وجد في نفسه‏؟‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ يا أبا بكر إنه لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ‏"‏أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عليا رضي الله عنه بأربع لا يطوفن بالبيت عريان، ولا يجتمع المسلمون والمشركون بعد عامهم، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فهو إلى عهده، وإن الله ورسوله بريء من المشركين‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد والنسائي وابن المنذر وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ‏"‏كنت مع علي رضي الله عنه حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عليا رضي الله عنه بأربع‏.‏ لا يطوف بالبيت عريان، ولا يجتمع المسلمون والمشركون بعد عامهم، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فهو إلى عهده، وأن الله ورسوله بريء من المشركين‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد والنسائي وابن المنذر وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ‏"‏كنت مع علي رضي الله عنه حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة ببراءة، فكنا ننادي أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فإن أمره أو أجله إلى أربعة أشهر فإذا مضت الأربعة أشهر فإن الله بريء من المشركين ورسوله، ولا يحج هذا البيت بعد العام مشرك‏"‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق سعيد بن المسيب رضي الله عنه عن أبي هريرة رضي الله عنه ‏"‏أن أبا بكر رضي الله عنه أمره أن يؤذن ببراءة في حجة أبي بكر فقال أبو هريرة‏:‏ ثم اتبعنا النبي صلى الله عليه وسلم عليا رضي الله عنه، أمره أن يؤذن ببراءة وأبو بكر رضي الله عنه على الموسم كما هو، أو قال‏:‏ على هيئته‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما ‏"‏أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل أبا بكر رضي الله عنه على الحج، ثم أرسل عليا رضي الله عنه ببراءة على أثره، ثم حج النبي صلى الله عليه وسلم المقبل، ثم خرج فتوفي، فولي أبو بكر رضي الله عنه فاستعمل عمر رضي الله عنه على الحج، ثم حج أبو بكر رضي الله عنه من قابل ثم مات، ثم ولي عمر رضي الله عنه فاستعمل عبد الرحمن بن عوف على الحج، ثم كان يحج بعد ذلك هو حتى مات، ثم ولي عثمان رضي الله عنه فاستعمل عبد الرحمن بن عوف على الحج، ثم كان يحج حتى قتل‏"‏‏.‏

وأخرج ابن حبان وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال‏:‏ بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه يؤدي عنه براءة، فلما أرسله بعث إلى علي رضي الله عنه فقال‏:‏ يا علي إنه لا يؤدي عني إلا أنا أو أنت، فحمله على ناقته العضباء فسار حتى لحق بأبي بكر رضي الله عنه فأخذ منه براءة، فأتى أبو بكر النبي صلى الله عليه وسلم وقد دخله من ذلك مخافة أن يكون قد أنزل فيه شيء، فلما أتاه قال‏:‏ ما لي يا رسول الله‏؟‏‏!‏ قال ‏"‏خير أنت أخي وصاحبي في الغار وأنت معي على الحوض، غير أنه لا يبلغ عني غيري أو رجل مني‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن أبي رافع رضي الله عنه قال ‏"‏بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه ببراءة إلى الموسم، فأتى جبريل عليه السلام فقال‏:‏ إنه لن يؤديها عنك إلا أنت أو رجل منك، فبعث عليا رضي الله عنه على أثره حتى لحقه بين مكة والمدينة، فأخذها فقرأها على الناس في الموسم‏"‏‏.‏

وأخرج البخاري ومسلم وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ‏"‏بعثني أبو بكر رضي الله عنه في تلك الحجة في مؤذنين بعثهم يوم النحر يؤذنون بمنى‏:‏ أن لا يحج بعد هذا العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ثم أردف النبي صلى الله عليه وسلم بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، فأمره أن يؤذن ببراءة فأذن معنا علي رضي الله عنه في أهل منى يوم النحر ببراءة‏:‏ أن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان‏"‏‏.‏

وأخرج الترمذي وحسنه وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما ‏"‏أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا بكر رضي الله عنه وأمره أن ينادي بهؤلاء الكلمات، ثم أتبعه عليا رضي الله عنه وأمره أن ينادي بها، فانطلقا فحجا فقام علي رضي الله عنه في أيام التشريق فنادى ‏{‏إن الله بريء من المشركين ورسوله فسيحوا في الأرض أربعة أشهر‏}‏ ولا يحجن بعد العام مشرك، ولا يطوفن بالبيت عريان، ولا يدخل الجنة إلا مؤمن‏.‏ فكان علي رضي الله عنه ينادي بها‏"‏‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وصححه وابن المنذر والنحاس والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن زيد بن تبيع رضي الله عنه قال‏:‏ سألنا عليا رضي الله عنه بأي شيء بعثت مع أبي بكر رضي الله عنه في الحج‏؟‏ قال‏:‏ بعثت بأربع‏.‏ لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يجتمع مؤمن وكافر بالمسجد الحرام بعد عامه هذا، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فعهده إلى مدته، ومن لم يكن له عهد فأجله أربعة أشهر‏.‏

وأخرج إسحق بن راهويه والدارمي والنسائي وابن خزيمة وابن حبان وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن جابر رضي الله عنه ‏"‏أن النبي بعث أبا بكر على الحج، ثم أرسل عليا رضي الله عنه ببراءة‏.‏ فقرأها على الناس في موقف الحج حتى ختمها‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي في الدلائل عن عروة رضي الله عنه قال ‏"‏بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر أميرا على الناس سنة تسع وكتب له سنن الحج، وبعث علي بن أبي طالب رضي الله عنه بآيات من براءة فأمره أن يؤذن بمكة وبمنى وعرفة والمشاعر كلها‏:‏ بأنه برئت ذمة رسول من كل مشرك حج هذا العام، أو طاف بالبيت عريان، وأجل من كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد أربعة أشهر، وسار علي رضي الله عنه على راحلته في الناس كلهم يقرأ عليهم القرآن ‏{‏براءة من الله ورسوله‏}‏ وقرأ عليهم ‏(‏يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد‏)‏ ‏(‏الأعراف الآية 31‏)‏ الآية‏"‏‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن علي رضي الله عنه قال ‏"‏بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن ببراءة، فقلت‏:‏ يا رسول الله تبعثني وأنا غلام حديث السن، وأسأل عن القضاء ولا أدري ما أجيب‏؟‏ قال‏:‏ ما بد من أن تذهب بها أو أذهب بها‏.‏ قلت‏:‏ إن كان لا بد فأنا أذهب‏.‏ قال‏:‏ انطلق فإن الله يثبت لسانك ويهدي قلبك، ثم قال‏:‏ انطلق فاقرأها على الناس‏"‏‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏{‏براءة من الله ورسوله‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ حد الله للذين عاهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أشهر يسيحون فيها حيث شاؤوا، وحد أجل من ليس له عهد انسلاخ الآربعة الأشهر الحرم من يوم النحر إلى إنسلاخ الحرم خمسين ليلة، فإذا انسلخ الأشهر الحرم أمره أن يضع السيف فيمن عاهد إن لم يدخلوا في الإسلام ونقض ما سمى لهم من العهد والميثاق، وإن ذهب الشرط الأول ‏(‏إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام‏)‏ ‏(‏التوبة الآية 4‏)‏ يعني أهل مكة‏.‏

وأخرج النحاس في ناسخه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ كان لقوم عهود فأمر الله النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤجلهم أربعة أشهر يسيحون فيها ولا عهد لهم بعدها وأبطل ما بعدها، وكان قوم لا عهود لهم فأجلهم خمسين يوما، عشرين من ذي الحجة والمحرم كله، فذلك قوله ‏(‏فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم‏)‏ ‏(‏التوبة الآية 5‏)‏ قال‏:‏ ولم يعاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية أحدا‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما ‏{‏براءة من الله ورسوله‏}‏ قال‏:‏ برئ إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من عهودهم كما ذكر الله عز وجل‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم والنحاس عن الزهري رضي الله عنه ‏{‏فسيحوا في الأرض أربعة أشهر‏}‏ قال‏:‏ نزلت في شوال فهي الأربعة أشهر شوال، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم‏.‏

 الآية 3

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله ‏{‏وأذان من الله ورسوله‏}‏ قال‏:‏ هو إعلام من الله ورسوله‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن حكيم بن حميد رضي الله عنه قال‏:‏ قال لي علي بن الحسين‏:‏ إن لعلي في كتاب الله اسما ولكن لا يعرفونه‏.‏ قلت‏:‏ ما هو‏؟‏ قال‏:‏ ألم تسمع قول الله ‏{‏وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر‏}‏ هو والله الأذان‏.‏

وأخرج الترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن علي رضي الله عنه قال‏:‏ سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يوم الحج الأكبر‏؟‏ فقال ‏"‏يوم النحر‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وأبو الشيخ عن علي رضي الله عنه قال‏:‏ يوم الحج الأكبر يوم النحر‏.‏

وأخرج ابن مردويه بسند ضعيف عن علي رضي الله عنه قال ‏"‏أربع حفظتهن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ إن الصلاة الوسطى العصر، وإن الحج الأكبر يوم النحر، وإن أدبار السجود الركعتان بعد المغرب، وإن أدبار النجوم الركعتان قبل صلاة الفجر‏"‏‏.‏

وأخرج الترمذي وابن مردويه عن عمرو بن الأحوص رضي الله عنه‏.‏ أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ قال ‏"‏أي يوم أحرم، أي يوم حرم، أي يوم حرم‏؟‏ فقال الناس‏:‏ يوم الحج الأكبر يا رسول الله‏"‏‏.‏

وأخرج أبو داود والنسائي والحاكم وصححه عن عبد الله بن قرط قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏"‏أعظم الأيام عند الله أيام النحر يوم القر‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن أبي أوفى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أن قال ‏"‏يوم الأضحى هذا يوم الحج الأكبر‏"‏‏.‏

وأخرج البخاري تعليقا وأبو داود وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن ابن عمر رضي الله عنهما ‏"‏أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف يوم النحر بين الجمرات في الحجة التي حجها فقال‏:‏ أي يوم هذا‏؟‏ قالوا‏:‏ يوم النحر‏.‏ قال‏:‏ هذا يوم الحج الأكبر‏"‏‏.‏

وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ بعثني أبو بكر رضي الله عنه فيمن يؤذن يوم النحر بمنى أن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ويوم الحج الأكبر يوم النحر، والحج الأكبر الحج، وإنما قيل الأكبر من أجل قول الناس الحج الأصغر، فنبذ أبو بكر رضي الله عنه إلى الناس في ذلك العام فلم يحج عام حجة الوداع الذي حج فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم مشرك، وأنزل الله تعالى ‏(‏يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس‏)‏ ‏(‏التوبة الآية 28‏)‏ الآية‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن ابن عباس قال‏:‏ الحج الأكبر يوم النحر‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن جرير عن المغيرة بن شعبة‏.‏ أنه خطب يوم الأضحى فقال‏:‏ اليوم النحر، واليوم الحج الأكبر‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال‏:‏ الحج الأكبر‏:‏ يوم النحر‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال‏:‏ الحجر الأكبر‏:‏ يوم النحر‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن جرير وأبو الشيخ عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال‏:‏ الحج الأكبر‏:‏ يوم النحر يوضع فيه الشعر، ويراق فيه الدم، وتحل فيه الحرم‏.‏

وأخرج الطبراني وابن مردويه عن سمرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏يوم الحج الأكبر يوم حج أبو بكر رضي الله عنه بالناس‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن سمرة رضي الله عنه في قوله ‏{‏يوم الحج الأكبر‏}‏ قال‏:‏ كان عام حج فيه المسلمون والمشركون في ثلاثة أيام، واليهود والنصارى في ثلاثة أيام، فاتفق حج المسلمين والمشركين واليهود والنصارى في ستة أيام‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عون رضي الله عنه قال‏:‏ سألت محمد عن يوم الحج الأكبر‏؟‏ قال‏:‏ كان يوم وافق فيه حج رسول الله صلى الله عليه وسلم وحج أهل الملل‏.‏

وأخرج الطبراني عن سمرة بن جندب رضي الله عنه ‏"‏أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال زمن الفتح‏:‏ إنه عام الحج الأكبر‏.‏ قال‏:‏ اجتمع حج المسلمين وحج المشركين في ثلاثة أيام متتابعات فاجتمع حج المسلمين والمشركين والنصارى واليهود في ثلاثة أيام متتابعات، ولم يجتمع منذ خلق الله السموات والأرض كذلك قبل العام، ولا يجتمع بعد العام حتى تقوم الساعة‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه‏.‏ أنه سئل عن الحج الأكبر‏؟‏ فقال‏:‏ ما لكم وللحج الأكبر‏؟‏ ذاك عام حج فيه أبو بكر رضي الله عنه، استخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم فحج بالناس، فاجتمع فيه المسلمون والمشركون فلذلك سمي الحج الأكبر، ووافق عيد اليهود والنصارى‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال‏:‏ الحج الأكبر اليوم الثاني من يوم النحر، ألم تر أن الإمام يخطب فيه‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه ‏"‏أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم عرفة‏:‏ هذا يوم الحج الأكبر‏"‏‏.‏

وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال‏:‏ الحج الأكبر يوم عرفة‏.‏

وأخرج ابن جرير عن أبي الصهباء البكري قال‏:‏ سألت علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن يوم الحج الأكبر‏؟‏ فقال‏:‏ يوم عرفة‏.‏

وأخرج أبو عبيد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ إن يوم عرفة يوم الحج الأكبر، يوم المباهاة يباهي الله ملائكته في السماء بأهل الأرض، يقول‏"‏جاؤوني شعثا غبرا، آمنوا بي ولم يروني وعزتي لأغفرن لهم‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن معقل بن داود قال سمعت ابن الزبير يقول يوم عرفة هذا يوم الحج الأكبر‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي‏.‏ أنه سئل هذا الحج الأكبر فما الحج الأصغر‏؟‏ قال‏:‏ عمرة في رمضان‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي إسحق رضي الله عنه قال‏:‏ سألت عبد الله بن شداد رضي الله عنه عن الحج الأكبر فقال‏:‏ الحج الأكبر يوم النحر، والحج الأصغر العمرة‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد رضي الله عنه قال‏:‏ كان يقال‏:‏ العمرة هي الحجة الصغرى‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبو خيوة رضي الله عنه في قوله ‏{‏إن الله بريء من المشركين ورسوله‏}‏ قال‏:‏ برئ رسوله صلى الله عليه وسلم‏.‏

وأخرج أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري في كتاب الوقف والابتداء وابن عساكر في تاريخه عن ابن أبي مليكة رضي الله عنه قال‏:‏ قدم أعرابي في زمان عمر رضي الله عنه فقال‏:‏ من يقرئني ما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم‏؟‏ فاقرأه رجل فقال ‏{‏إن الله بريء من المشركين ورسوله‏}‏ بالجر فقال الأعرابي‏:‏ أقد برئ الله من رسوله‏؟‏ إن يكن الله برئ من رسوله فأنا أبرأ منه‏.‏ فبلغ عمر مقالة الأعرابي، فدعاه فقال‏:‏ يا أعرابي أتبرأ من رسول الله صلى الله عليه وسلم‏؟‏ قال‏:‏ يا أمير المؤمنين إني قدمت المدينة ولا علم لي بالقرآن، فسألت من يقرئني‏؟‏ فأقرأني هذا سورة براءة‏.‏ فقال ‏{‏إن الله بريء من المشركين ورسوله‏}‏ فقلت‏:‏ إن يكن الله برئ من رسوله فأنا أبرأ منه‏.‏ فقال عمر رضي الله عنه‏:‏ ليس هكذا يا أعرابي‏.‏ قال‏:‏ فكيف هي يا أمير المؤمنين‏؟‏ فقال ‏{‏إن الله بريء من المشركين ورسوله‏}‏ فقال الأعرابي‏:‏ وأنا والله أبرأ مما ما برئ الله ورسوله منه‏.‏ فأمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن لا يقرئ الناس إلا عالم باللغة، وأمر أبا الأسود رضي الله عنه فوضع النحو‏.‏

وأخرج ابن الأنباري عن عباد المهلبي قال‏:‏ سمع أبو الأسود الدؤلي رجلا يقرأ ‏{‏إن الله بريء من المشركين ورسوله‏}‏ بالجر فقال‏:‏ لا أظنني يسعني إلا أن أن أضع شيئا يصلح به لحن هذا أو كلاما هذا معناه‏.‏

أما قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وبشر الذين كفروا بعذاب أليم‏}‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن مسهر قال‏:‏ سئل سفيان بن عينية عن البشارة أتكون في المكروه‏؟‏ قال‏:‏ ألم تسمع قوله تعالى ‏{‏وبشر الذين كفروا بعذاب أليم‏}‏‏.‏

 الآية 4

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏{‏إلا الذين عاهدتم من المشركين‏}‏ قال‏:‏ هم مشركو قريش الذين عاهدهم نبي الله زمن الحديبية، وكان بقي من مدتهم أربعة اشهر بعد يوم النحر، فأمر الله نبيه أن يوفي لهم بعهدهم هذا إلى مدتهم‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن محمد بن عباد بن جعفر في قوله ‏{‏إلا الذين عاهدتم من المشركين‏}‏ قال‏:‏ هم بنو خزيمة بن عامر من بني بكر بن كنانة‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله ‏{‏ثم لم ينقصوكم شيئا‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ فإن نقض المشركون عهدهم وظاهروا عدوا فلا عهد لهم، وإن أوفوا بعهدهم الذي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يظاهروا عليه فقد أمر أن يؤدي إليهم عهدهم ويفي به‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ‏{‏فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم‏}‏ قال‏:‏ كان لبني مدلج وخزاعة عهد، فهو الذي قال الله ‏{‏فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم‏}‏‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن اسدي رضي الله عنه في قوله ‏{‏إلا الذين عاهدتم من المشركين‏}‏ قال‏:‏ هؤلاء بنو ضمرة وبنو مدلج حيان من بني كنانة، كانوا حلفاء النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة العسرة من بني تبيع ‏{‏ثم لم ينقصوكم شيئا‏}‏ ثم لم ينقضوا عهدكم بغدر ‏{‏ولم يظاهروا‏}‏ عدوكم عليكم ‏{‏فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم‏}‏ يقول‏:‏ أجلهم الذي شرطتم لهم ‏{‏إن الله يحب المتقين‏}‏ يقول‏:‏ الذين يتقون الله تعالى فيما حرم عليهم فيفون بالعهد‏:‏ قال‏:‏ فلم يعاهد النبي بعد هؤلاء الآيات أحد‏.‏

 الآية 5

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ‏{‏فإذا انسلخ الأشهر الحرم‏}‏ قال‏:‏ هي الأربعة عشرون من ذي الحجة، والمحرم، وصفر، وشهر ربيع الأول، وعشرون من شهر ربيع الآخر‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله ‏{‏فإذا انسلخ الأشهر الحرم‏}‏ قال‏:‏ عشر من ذي القعدة، وذي الحجة، والمحرم، سبعون ليلة‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه ‏{‏فإذا انسلخ الأشهر الحرم‏}‏ قال‏:‏ هي الأربعة التي قال ‏(‏فسيحوا في الأرض أربعة أشهر‏)‏ ‏(‏براءة الآية 2‏)‏‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله ‏{‏فإذا انسلخ الأشهر الحرم‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ كان عهد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قريش أربعة أشهر بعد يوم النحر، كانت تلك بقية مدتهم ومن لا عهد له إلى إنسلاخ المحرم، فأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم إذا مضى هذه الأجل أن يقاتلهم في الحل والحرم وعند البيت، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه قال‏:‏ كل آية في كتاب الله تعالى فيها ميثاق بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أحد من المشركين، وكل عهد ومدة نسخها سورة براءة ‏{‏خذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد‏}‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله ‏{‏احصروهم‏}‏ قال‏:‏ ضيقوا عليهم ‏{‏واقعدوا لهم كل مرصد‏}‏ قال‏:‏ لا تتركوهم يضربون في البلاد ولا يخرجون التجارة‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عمران الجوني رضي الله عنه قال‏:‏ الرباط في كتاب الله تعالى ‏{‏واقعدوا لهم كل مرصد‏}‏‏.‏

وأخرج أبو داود في ناسخه عن ابن عباس في قوله ‏{‏فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم‏}‏ ثم نسخ واستثنى فقال ‏{‏فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم‏}‏ وقال ‏(‏وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله‏)‏ ‏(‏التوبة الآية 6‏)‏‏.‏

أما قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فإن تابوا‏}‏ الآية

أخرج ابن ماجة ومحمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة والبزار وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان من طريق الربيع بن أنس عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏"‏من فارق الدنيا على الإخلاص لله وعبادته وحده لا شريك له، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، فارقها والله عنه راض، قال أنس رضي الله عنه‏:‏ وهو دين الله الذي جاءت به الرسل، وبلغوه عن ربهم من قبل هوج الأحاديث وإختلاف الأهواء‏.‏ قال أنس‏:‏ وتصديق ذلك في كتاب الله تعالى في آخر ما أنزل ‏{‏فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم‏}‏ قال‏:‏ توبتهم خلع الأوثان وعبادة ربهم‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه ‏{‏فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة‏}‏ قال‏:‏ حرمت هذه دماء أهل القبلة‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه ‏{‏فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم‏}‏ قال‏:‏ فإنما الناس ثلاثة نفر‏.‏ مسلم عليه الزكاة، ومشرك عليه الجزية، وصاحب حرب يأتمن بتجارته إذا أعطى عشر ماله‏.‏

وأخرج الحاكم وصححه عن مصعب بن عبد الرحمن عن أبيه رضي الله عنه قال‏:‏ افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، ثم انصرف إلى الطائف فحاصرهم ثمانية أو سبعة، ثم ارتحل غدوة وروحة، ثم نزل ثم هجر، ثم قال ‏"‏أيها الناس إني لكم فرط، وإني أوصيكم بعترتي خيرا موعدكم الحوض، والذي نفسي بيده لتقيمن الصلاة ولتؤتن الزكاة أو لأبعثن عليكم رجلا مني أو كنفسي فليضربن أعناق مقاتلهم وليسبين ذراريهم، فرأى الناس أنه يعني أبا بكر أو عمر رضي الله عنهما، فأخذ بيد علي رضي الله عنه فقال‏:‏ هذا‏"‏‏.‏

وأخرج ابن سعد عن عبد الرحمن بن الربيع الظفري رضي الله عنه - وكانت له صحبة - قال ‏"‏بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل من أشجع تؤخذ صدقته، فجاءه الرسول فرده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ اذهب فإن لم يعط صدقته فاضرب عنقه‏"‏‏.‏